السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من المعارك التي تعد جزء من تاريخ المملكه بشكل عام وقبيلة عتيبه بشكل خاص معركه عروى المشهوره
وهذه المعركه لم يسلط الضوء على أسبابها الحقيقه والفعليه
وربما هذا الموضوع يفي بالغرض وزيادة
اولا- كانت العلاقات بين الامام عبدالله بن فيصل , والامير محمد بن عبدالله بن رشيد حاكم جبل شمر , قد بلغت من السوء , ايما مبلغ سنه 1299هـ بسبب حصار الامام لبلد المجمعه , عندها استصرخ اهل المجمعه ابن رشيد وأقبل لمناصرتهم , وكان مع الامام عبدالله اهل العارض ومن البوادي عتيبه , رجع الامام عبدالله من الحصار وتفرقت عتيبه , ولم يحصل قتال ,( انظر مجموع ابن عيسى التاريخي احداث السنه المذكوره )
ثانيا- كان ابناء سعود الفيصل وهم الفارس الامير ( غزالان ) محمد بن سعود واخوته , في بلد الخرج مستقلين عن عمهم الامام عبدالله , وكانت لغزالان محاولات في الاحساء لضمها الى الخرج سنه 1296هـ , بمساعدة العجمان وزعيمهم راكان , والذي كان على علاقه نسب مع غزالان حيث تزوج غزالان بأبنته ويعتبر راكان جد سلمان بن محمد ( غزالان ) لأمه .
ثالثا_ عند تصادم الامام عبدالله مع ابن رشيد عام 1299هـ وسوء العلاقات بينهم , أراد غزالان ان يفزع لعمه (رغم الخلافات بينهم ) ضد ال رشيد , لكن راكان ابن حثلين ( وبسبب خصومته التقليديه ) لعبدالله بن فيصل , نصح نسيبه غزالان بعدم التدخل بين عبدالله وال رشيد , لكن غزالان اصر على رأيه , فقال راكان لانساعدك في ذلك (وكانت علاقه راكان مع ال رشيد في ذلك الوقت قويه ) .
رابعا-توجه غزالان ( وهو محمد بن سعود بن فيصل ال سعود ) سمي غزالان لجماله , وهو من نوادر ال سعود في الشجاعه , بل انه جمع , 1- الاماره 2- الوسامه 3-الشجاعه 4- الشعر ( شاعر) , وقل ان تجتمع هذه الصفات في شخصيه واحده , توجه غزالان الى قبيله عتيبه . واستفزع بهم ضد عدوهم المشترك ابن رشيد ( لأن عتيبه عانت كثيرا من غزوات ابن رشيد ) واذي حاول مرارا وتكرارا ان يطّوعها لكن لم يستطع , لأن عتيبه من اثقل القبائل على الحكّام .
خامسا - وبالفعل خرجت فئات كبيره من عتيبه مع غزالان , وقام بعدة غزوات على القبائل التابعه لابن رشيد كحرب وغيرها , بل انهم أغاروا على البلدان الواقعه جنوب غرب جبل سلمى و في عمق ديار ابن رشيد , مما شكّل تهديدا صريحا لآمن حايل وعربانها .( انظر الويس موزل , ال سعود دراسه تاريخيه ,مترجم )
سادسا - عندما وصلت انباء غزوات غزالان السابقه الى حايل , كان عند ابن رشيد الشاعر المعروف , المثير للفتن , فجحان الفراوي المريخي المطيري , فنظم فجحان قصيده , موجهه الى غزالان يمدحه فيها , ويستفزه وينصحه بعدم التحرش بال رشيد فيقول
فجحان
ياركب هجن كبار المثاني =بين الحجر ومحقبه دوم يرعن
...الى ان قال ...
تلفي محمد شوق جال الثماني = ولد السعود وخالط الزين في فن
..وقال ناصحا غزالان بعدم التقدم الى حايل لأن الرشيد فيها ..
ينطحك ابو ماجد ليا جيت عاني = كان اقبلت عوج المراكيض وأقفن
..وقال مبدياً له المشوره في ذلك ..
شوري على كل الرجال الذهاني = وترى القلوب الطيبه ما يغّون
ومني عدد مابالخفا والبياني .=وترى النصايح يا فتى الجود يشرن
انظر ابيات القصيده كامله مخطوط الصويغ الشعري ( والذي كان معاصرا للاحداث ) صفحه 64
عندما وصلت قصيدة فجحان للامير غزالان , رد عليها بقصيده طويله ننتقي منها الابيات التي لها مساس بموضوعنا ,
جاء فيها والقول لغزالان , متهددا ال رشيد حتى لو كانوا في قصر الاماره بحائل (برزان) سوف يغزوهم في حايل .
والشاهد قول غزالان
لو كان في برزان زين المباني = اجموعنـا وجموعكـم بيتلاقـن
مثل صلاه الشايب المذرحاني = اعرف ترى خمس الفرايض يصّلن
يعني سوف اصلكم في حايل وان هذا فرض علي مادمت حيا مثل فرض الصلاة . ( وهذا لثقة غزالان بنفسه وبمن معه من شجعان عتيبه ) .انظر هذه الابيات في مخطوط ابن يحيى لباب الافكار الجزء الثاني صفحه 696.
سابعا -بعد هذه المساجله والتهديد المتبادل , قام غزالان بالتعبئه للغزوه, فأختار غزالان موقع عروى لتوسطه في ديار عتيبه , حتى تقدم عليه جميع فئات عتيبه , ولايكون المكان بعيدا عنهم , وأتت افزاع عتيبه من كل مكان ,
فقدم الامير عقاب بن شبنان بن حميد وابن عمه الفارس الداهيه محمد بن هندي وكافة’ قبيله برقا , حتى ان الامير هذال بن فهيد جاء من عد قطان على حدود الحجاز مع نجد ,وكذا الشيخ مناحي الهيضل , وكذا اتت افزاع الروقه على الشيخ تركي بن سلطان بن ربيعان لان الشيخ مسلط كان كبير بالسن ولايستطيع خوض المعارك , وحضر كذلك الشيخ صنيتان الضيط أمير مزحم والشيخ ناصر بن محيا امير طلحه , وتكاملت الجموع وأقيمت العرضات الحربيه ,استعدادا للتوجه الى حايل , وكان الداهيه الفارس الشيخ محمد بن هندي من اقرب مستشاري غزالان فيقربه ويأخذ برأيه , لأن ابن هندي كان محمود النجيبه ذو رأي صائب (( وهل ينسى رأيه في معركه العويند الثانيه ضد مطير 1288هـ , على صغر سنه )), المهم , عندما اجتمعت الجموع على عروى , جائهم نذير و يقول ان ابن رشيد وجيشه قد اقبلوا , كانت مفاجئه , فأخذوا استعدادهم على عجل , واشتبكت الجموع وكان مع ابن رشيد قوم كثيرون حاضره وباديه منهم شمر نجد وشمر الجزيرة وحرب ومطير وهتيم , وحاضرة بريده وحاضرة حايل وما حولها .
ثامنا -كانت معركه هائله , ثبتت فيها عتيبه , واستطاعت ان تهزم ابن رشيد وجموعه في بدايه المعركه ولأن جيش ابن رشيد جفل من كثرة خيل عتيبه , حتى انسحب ابن رشيد من الميدان , لكن الامير المحنك حسن بن مهنا امير بريده نوخ الجمل وثبت وثبت معه القصمان , فلما رأهم بقيه الجيش ثبتوا جميعا , ورجعوا الى الميدان , وكان العتبان مشغولون بحيازه الغنائم, فحدثت انتكاسه , وثبت فرسان عتيبه وأمراءها , منهم الفارس الداهيه محمد بن هندي الذي ظل يدافع عند التالي وهو على ظهر فرسه , فحذف الرمح من يده وامتشق السيف وظل يبارز . حتى اتته رصاصه طائشه ,اصابة ساقه فكسرته نصفين , لكنه ظل يبارز , عندها التفت أبن اخته الفارس العفّار ضيف الله بن تركي بن حميد , وصاح له يا خالي والدمع يسقط من عينيه ظناً ان خاله سوف يقتل فقال
ناديت خالي يومهن اقبلني .=والدمع من عيني على حجرها سال
لكن رب السماء نجاه 0( يا لهُ من موقف مؤثر )
وعقرت فرس ابن هندي وطاح وثنى دونه الفارس (قراش بن جعيري المقاطي) واركبه هذال بن فهيد معه رديف
وأخذ هذال يصقع ابن هندي بكوعه ويقول اعتز والله ان ما اعتزيت مانشوف النصر فقام ان هندي يعتزي للفرسان
حتى انهزمو شمر ولحقوهم العتبان وقاموا يسدحون منهم فقال ابن مهنا نوخ يابن رشيد
والله ان مانوخت وحتميت مؤخرة جيشك انهم ما يخلون منا واحد
فنوخ ابن رشيد شمال عروى 4 كيلو في شعيب كله عوشق وتبطحوافيه
وكلما جاهم فارس رموة وتقهقرت عتيبه ( هذا الموقع سمي بحرجه العوشق) الى الآن
وهذا كله من خطه حسن ابن مهنا
يقول ضيف الله العفار وقيل التويجر الروقي :
لولا حسن نوخ بذربين الايمان = راحت عليكم يا بو ماجد كسيرة
اولاد علي مطوعه كل فسقان = عاداتهم بالكون كف المغيرة
ويقول حمود ابن رشيد مخاطباً ابن هندي :
وشلون رجلك يا زبون المخلاه = رصاصتك ماهي رصاصة فتيله
عيا يطيع عقاب وعقاب ينهاه= لاجاء القدر مافي يد العبد حيله
الامير الفارس غزالان ابلى شجاعه فائقه , في المعركه حتى عقرت ثلاث من الخيل تحته يوم عروى , وكان يسقط من ظهرها على الارض , ويحمل من قبل فرسان عتيبه , في احداها حمله صنيتان الضيط وأردفه حتى ركب فرس اخرى .
الامير تركي بن سلطان بن ربيعان , ابلى بلاءً مستميت حيث وقف في سد احد الريعان , وأوقف عدد من فرسان ابن رشيد ,عند رأس الريع حتى لايلحقوا بفلول عتيبه .
(( صور مؤثره , وشجاعة ابطال ))
مثل ما ابلى غزالان وشيوخ عتيبه بلاءً كذلك ابلى ابن رشيد وفرسانه وبن مهنا بلاءً مماثل .
حلت الهزيمه , لكن هزيمه خفيفه , بمقياس المعارك ذلك الوقت , وليس عيباً ان تهزم لأن الذي لاينهزم لاينتصر
تاسعا- بعد المعركه قال عدد من الشعراء من الجانبين قصائد منها قصيده للامير حمود العبيد الرشيد , خاطب فيها عدد من امراء عتيبه وخاطب الامير غزالان منها
قوله مخاطبا الامير تركي بن سلطان بن ربيعان ومذكرا بغاراتهم مع غزالان واعتبرها بوق فقال
بقتو و احال الله بكم يا بن سلطان = أخزاكم الله يا خبيث السريـره
الله حسيب اللي يبوقون الاخوان =سبحان منه ما يغادر صغيـره
ثلاث مرات(ن) يبوقون الاخوان = وهاذي بوجهك شامةٍ مستديره
....وقال مخاطبا غزالان ...
غواه رقصات الشيابين بوران = وتجديعهم علقانهم بالسعيره
فأن كان يبغينا وحنا ببرزان =فحنا قصرنا عنوته من مسيره
......وقال مخاطبا صنيتان الضيط....
حصاة الصمد اللي يذكر صنيتان = صيت بلا فعل علومه كبيـره
أن شيف بالعرضه ليا تقل سكران = يفزع بسيف سلته من جفيره
وان حل ضرب مخلص مثل ماكان = ماينقهرغاد الجدا عن منيره
...وقال مخاطبا محمد بن هندي ...
من مات له منهم حريم ووغدان = فيلعن ابن هندي على انه مشيره
ثم قال مخاطبا راكان بن حثلين , لانه أشار على غزالان (نسيبه) بعدم التعرض لآل رشيد ولم يقبل منه فقال :
ياليل ابا اوصيك ليا جيت راكان =سلم على زيزوم يام واميره
قل افعالنا شافه حزام وفاران = وانته لبو فلاح منـا بشيـره
وهذ القصيده , على مافيها من تعديات الا انها تمثل رأي الشاعر , ولأنهم اعداء لانستغرب ذلك منه , ثم ان المشائخ الذين ذكرهم , ليسوا كما قال , وهو يعلم في قراره نفسه انهم شجعان صناديد , لكن هذة هي الحرب الاعلاميه و
نقلت هذه الابيات من( مخطوط الصويغ من أهل حايلصفحه56 و57 ) واللذي أخذها بدوره من فم الشاعر نفسه , وقيدها في المخطوط وقتها ,لذلك اخذنا بها , وسوف يلاحظ القارىء اختلافات بينه وبين المتداول .
فلما وصلت القصيده لراكان بن حثلين رد بقصيده طويله , نختار منها مايناسب الموضوع قال
تذكر محمد جامع نجع عتبان = ذخيره ياوي والله ذخيره
محمد المقصود به (غزالان ) وذخيرته (جيشه ) هم عتيبه ,وأي ذخيره .
هذه شهاده من راكان في قوة عتيبه وشجاعتها , من طرف محايد .
اما شعراء عتيبه فمنهم قول الفارس العفار ضيف الله بن تركي بن حميد وهناك من ينسبها للتويجر الروقي
لولا حسن نوخ بذربين الايمان = صارت عليكم يا ابو ماجد كسيره
حنا خذينا الخيل قلع بالارسان = أصايل من نجد حتـى الجزيـره
ياحمود كانك قاعد وسط برزان = لاجيت لاعروى ولالك حضيـره
ليا جيت تبغى الشيخ يوقفك سبهان =تاقف لمن العلم عود لاميره
حسن هو ابن مهنا يقول لولا ابن مهنا نوخ بفلولكم لكانت عليكم هزيمه
وفيها بيان بأسباب انتصار ابن رشيد , وان عتيبه قلعت عدد من الخيل من شمر نجد وشمر الجزيرة بالعراق الذين حضروا عروى , ثم خطاب لحمود العبيد الرشيد , بأنه ليس له افعال , ولم تحضر عروى , بل جالس في حايل تقصد بالاشعار , وانك مجرد شخص عادي , حتى انك لو اردت الدخول على ابن عمك الامير لا تدخل حتى تستأذن من الوزير سبهان السبهان (.انظر مخطوط ابن ناصر , عنوان السعد والمجد ) ( وتاريخ القصيم السياسي للسلمان )
الكاتب : سيف المقطه